الخميس، 20 أبريل 2017

الإقصاء وقت اللعب Time Out During Playing

                        الإقصاء وقت اللعب Time Out During Playing

من الأساليب المتبعة في علاج بعض المشكلات لدى أطفال التوحد أثناء اللعب هو الإقصاء وقت اللعب و هو عبارة عن تعطيل مؤقت للعب أو للطفل عن مزاولة اللعب. و تلاحظ الأسرة مدى الصعوبة في تأديب طفلها الذي لديه إعاقة و غير الطبيعي في سلوكه أثناء اللعب و ما يقوم به من تكسير للأشياء أو تخريبها , و تحتاج الأسرة إلى إسلوب علاجي تعليمي لهذه المواقف السيئة بدلاً من الصراخ و الضرب و التوبيخ و غير ذلك من الضرر الجسدي , و السؤال الآن هو , كيف يمكننا أن نعالج هذه المواقف السلوكية المحرجة لدى التوحديين؟
و ما هي الطريقة الناجحة التي يجب أن نستخدمها معهم في بعض الأحيان لتهدئة التوتر و الغضب و تخفيف الهيجان؟
و الجواب على ذلك هو الإقصاء وقت اللعب Time Out و هي طريقة تربوية حديثة نلجأ اليها عند الإحتياج إلى ذلك أثناء اللعب حيث نبعد الطفل عن بيئة اللعب , نضعه مثلاً في زاوية معينة من الفصل إذا كان في الغصل , أو في زاوية الصالة إذا كان في صالة الألعاب أو نضعه في غرفة صغيرة تحت المراقبة الدقيقة لمدة خمس دقائق لكي يستعيد خلالها توازنه الإنفعالي و يعود إلى السلوك الطبيعي.
و من الطبيعي أن تحتاج الأسرة في بعض الأحيان إلى ذلك كأساليب علاجية أثناء اللعب أو كوسائل تأديبية و ليست عقابية لأن هناك فرق كبير جداً بين الأسلوب العقابي و الأسلوب التأديبي من حيث العلاج. فالتأديب ضبط لناحية الإتزان اللازمة مع المشاعر و الإنفعالات و الغضب و محاولة تخفيف حدة عدوانية الطفل أثناء مزاولة اللعبة , و من الملاحظ في هذه الفترة أنه يجب التدخل في حالة استمرار أعراضه الإنفعالية و خروجه عن الإنضباط و التوازن و تطبيق إسلوب آخر للتأديب و العقاب.
و يمكن للوالدين أو المعلج خلال عملية افقصاء أن يختبر الطفل المصاب بالتوحد بإسترجاع توازنه بملاحظته و سؤاله مثلاً
- أين رأسك؟
- أين أنفك؟ أين ؟
- أين ركبتك؟
- أين يدك؟
فإن أجاب عن الأسئلة بهدوء فهذا مؤشر سيكولوجي جيد على أن الأعصاب قد هدأت و أن التوازن قد عاد إلى وضعه و أن حدة التوتر قد خفت و يمكن ـن يستمر في اللعبة بعد ذلك أو أن يذهب إلى لعبته أو جماعته أثناء اللعب. و على كل حال فإن عمليات تعديل السلوك للطفل التوحدي تبدأ عن طريق هذه الوسيلة التربوية و هي الإقصاء و ذلك حتى يرجع إلى وضعه الطبيعي في اللعب.
و من الجدير بالذكر هنا أن هناك ملاحظة صغيرة تندرج في برنامج علاج الفئات ذوي الحاجات الخاصة و هي التمرين أو التدريب شفوياً و عملياً على هذه الوسيلة التربوية بين فترة و آخرى من خلال برمجة زمنية معينة للثبات مثال ذلك أن نحاول أمامه عد الأرقام من 1 - 10 فنقول 10,9,8,7,6,5,4,3,2,1 و نرى مدى إنصاته لهذا التدرج و مدى تأثيره للخروج من حالة إنفعاله و عصيانه. إن توجيه هذا العقاب ليس إلا تمهيداً مسبقاُ للتحكم في إفعالاته و الإستماع للأوامر المطلوبة منه , و المشكلة الآن كيف نتصرف في حالة خروج التوحدي على الأوامر في مكان خارج بيئة المنزل كالفصل المدرسي أو الجمعية التعاونية أو الحديقة المحلية أو المنتزهات الترفيهية أو غيرها؟
و الجواب على ذلك بأن نقول للسائل سواء كان المكان البيت أو المدرسة , فإنه بالإمكان استثمار مبدأ الإقصاء وقت اللعب في معاقبة الطفل التوحدي فيتم تعطيله مؤقتاً عن اللعب و ذلك أثناء ممارسة الأولاد الآخرين للألعاب على مرأى و مسمع منه و أثناء جلوس المربي معه و إعطائه فرصة 10 دقائق لكي يُفكر و يُشاهد و يتدبر و يُدرك أن هذه العقوبة كانت بسبب خروجه عن الآداب العامة و عدم الإلتزام بالهدوء و السكون. فإبعاد التوحدي عن بيئة اللعب تجعله , كما ذكرنا , يتعلم ضبط السلوك و عدم العدوانية كما أن هذا الحرمان من وقته في اللعب و هو الشيء الذي يحبه و الذي كان ينتظره طويلاً خلال جدوله المُنظم و يجعله يحسب الوقت المحدد للعب و الدراسة و الأكل و النوم و النشاطات الأخرى.
و الخلاصة أن هذا الحرمان المؤقت يؤثر بقوة في تعديل سلوك التوحديين بسبب خشيتهم من أن يفقدوا ما يُحبون من متعة و ألعاب تعودوا عليها و ينتظرونها بشوق.
و بإمكان الأسرة أو المعالج استخدام الإقصاء على شكل آخر و هو أخذ المثيرات المعززة من طفل التوحد لفترة زمنية معينة. أي أن الطفل هنا لا يُعزل و إنما يُمنع من مزاولته الإستمرار في لعبته المفضلة في نفس بيئة اللعب و يُمنع من الإستمرار في اللعب حال حدوث سلوك غير مقبول حسب الخطة في برنامجه المُتفق عليه بينه و بين مُعالجه.
علماً بأن هناك إجراءات أخرى تُستخدم مع طفل التوحد في حالة عدم مشاركته في العملية الصحيحة للسلوك المُستهدف في اللعب منها:
1) التوبيخ Reprimanding : هو تعبير عن عدم الرضا بسلوك مُعين يُراد تصحيحه و قد يكون ذلك باللفظ ك (اسكت, لا تفعل , هذا خطأ, ..) و قد يكون بالإشارة أو الإيماء باليد أو الرأس أو الإعراض و هكذا مما يدل على عدم الرضا عن ذلك السلوك شريطة أن يشعر الطفل التوحدي بأن عمله قد واجه استهجاناً و استنكاراً من قبل المهتمين به.
2) تغيير المُثير Stimulus Change : يُقصد به إبعاد الطفل عن الجو أو المحيط المثير للسلوك غير المرغوب به (تعديل ظروف البيئة) و هو ما يُسمى بإجراء تغيير المثير كتغيير مكان الأدوات الخطرة و إبعادها عن نظره أو صعوبة الوصول إليها مثلاً أو خلق بيئة مُغايرة لتلك البيئة المثيرة لفضوله و الداعية إلى ممارسته للسلوك الخاطئ.
3) الإشباع Satiation : المقصود به إعطاء طفل التوحد كمية كبيرة من المعززات التي يحبها في فترة زمنية قصيرة و الذي يؤدي إلى فقدان ذلك المعزز قيمته , مثلاً طفل توحدي يحب الحلوى الصفراء أكثر من غيرها إلى درجة الشبع منها إذا كان يتناول 10 حلاوات كل يوم أعطيه 15 حلاوة و هكذا خلال أسبوع يقف الأمر أن يترك الإكثار من أكلها.
4) الممارسة السلبية Negative Practice : طفل التوحد الذي يمارس سلوك غير مرغوب به نحاول أن نجعله يمارس نفس السلوك بشكل متواصل خلال فترة زمنية محددة حتى يصبح شيء مكروه لديه, و يطلق عليه الممارسة بالنطاق الواسع أي بشكل متكرر و التي تؤدي به إلى الملل و الإنزعاج من السلوك السلبي نفسه.
و تختلف جميع هذه الإجراءات لتقليل السلوك غير السوي من التوحديين في حالاتهم و مشاكلهم المتنوعة حسب خطط العلاج المُتبعة في جداولهم و المتناسبة مع كل حالة على إنفراد.

من كتاب / التـــوحـــد الــــعـــلاج بالـــلـــعب / أستاذ/ أحــمــد جــوهـــر/ الــــكــــويـــــت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق