السبت، 15 أبريل 2017

الكشـــــــف المبكر لأعراض التوحد



الكشـــــــف المبكر لأعراض التوحد
ان الكشف المبكر لأعراض التوحد يضعنا في حيرة، الا ان هناك بعض الاعراض تتغير بمرور الوقت امام النمو المعرفي للطفل مثل اكتساب اللغة و بعض المهارات الانفعالية و الاجتماعية و المعرفية كالإدراك و التواصل، و رغم ذلك فقد اثبتت الدراسات ان الاطفال التوحديين الذين تم اكتشافهم قبل ثلاث سنوات و تحصلوا على تكفل و برنامج علاجي مكثف لمدة عامين، أشارت النتائج تسارع في عملية النمو المعرفية و بالتالي تحسين في معاملات الذكاء و كذلك اكتساب رصيد لغوي شفهي و معرفي مقبول ، 73 % منهم تحصلوا على لغة وظيفية حين وصولهم الى سن الخامسة من العمر ، و تزداد نسبة الاصابة بين الاولاد عن البنات بنسبة 4-1 و لا يرتبط هذا الاضطراب بأية عوامل عرقية، او اجتماعية حيث لم يثبت ان لعرق الشخص او للطبقة الاجتماعية او الحالة التعليمية او المالية للعائلة أية علاقة بالإصابة بالتوحد , p67 )2003 , Rogé).
تشخيص التوحد
هناك اتفاق عالمي حول الاعراض الاساسية الإكلينيكية المحددة لاضطراب التوحد، حيث ان ظهور مفهوم الطيف التوحدي Spectre autistique و الذي اوجده Wing سنة 1996 يدل على وجود درجات متفاوتة في شدة و مدة الاعراض المحددة له و يطرح ايضا تساؤل علمي حول حدود هذا الاضطراب مع الاضطرابات النمائية الاخرى ( اسبرجر، ريت، اضطراب الطفولي التفككي، و اضطرابات TED غير المحدودة) و كذلك مع امراض اخرى مثل: التخلف العقلي متلازمتي وليام وداون، متلازمة الكرموزوم الحسي الهش.....الخ) و هذا ما سنتعرض له بالتفصيل في التشخيصات الفارقية و الامراض المصاحبة للتوحد ( 2003p98, B.rogé). اذ يعتبر تشخيص اضطراب التوحد من الامور الصعبة التي يواجهها المختصون و الاهل ذلك لان تشخيص الطفل التوحدي يعتمد بشكل كبير على السلوكيات التي تظهر عليه لأنه لا يوجد علامات جسدية او دلالات بيولوجية تشير الى اصابة الطفل بالتوحد لذلك من المهم ان يكون هناك دقة في تقييم و تشخيص الطفل على انه مصاب باضطراب التوحد.
ويرى الروسان(2002) ان موضوع قياس و تشخيص الاطفال غير العاديين يعتبر امرا بالغ الاهمية في ميدان التربية الخاصة، لأنه الخطوة الاولى و المهمة للمساعدة في تحويلهم للمكان المناسب ووضع البرنامج التربوي المناسب لهم .
و منذ ان قام كانر بوضع معايير التشخيص للتوحد عام 1943 تبعه بعد ذلك العديد من العلماء الذين حددوا محكات و معايير لتشخيص التوحد مثل معايير روتر، ونقاط كريكالتسعة في تشخيص التوحد.
و تعتبر محكات الدليل الإحصائي و التشخيصي الرابع عام الصادر عام 2000 عن جمعية الأطباء النفسيين الامريكية( 2000، DSM-IV-TR) من افضل المحكات التشخيصية قبولا في الاوساط العيادية و التربوية، و هذه المحكات كما وردت لدى بن صديق، (2005) هي:
اولا: يشترط في تحديد اضطراب التوحد أن تتطابق ستة أعراض على الأقل، بحيث توزع كما يلي، عرضين من المجموعة الاولى و عرض واحد على الأقل من المجموعة الثانية و عرض واحد على الاقل من المجموعة الثالثة.
المجموعة الاولى:
- وجود قصور نوعي في التفاعل الاجتماعي كما يظهر على الأقل في اثنين مما يأتي :
1- قصور حاد في استخدام انماط سلوكية غير لفظية المتعددة مثل التواصل البصري مع الأخرين، تعبيرات الوجه، وضع الجسم و إيماءته لتنظيم التفاعل الاجتماعي .
2- فشل الطفل في القيام بعلاقات مع الأقران تتناسب و مستوى نموه العقلي.
3- قصور في البحث العفوي التلقائي لمشاركة الأخرين الأفراح ، الاهتمامات، الانجازات (كالقصور في الاشارة الى الأشياء المثيرة للاهتمام)
4- الافتقار الى التبادل الاجتماعي و الانفعالي (تبادل العواطف، و المشاعر، الاهتمامات الاجتماعية).
المجموعةالثانية:
- وجود جوانب قصور نوعية في التواصل كما تظهر في واحد على الأقل مما تأتي :
1- الاستخدام النمطي او الترديدي للغة.
2- نقص اللعب التخيلي التلقائي، أو اللعب الاجتماعي المناسب للمستوى النمائي
3- تأخر أو نقص في نمو لغة الحديث (لا تكون مصحوبة بمحاولة التعويض بطرق تواصل كالإيماءات ).
4- قصور حاد في القدرة على المبادرة، أو الاحتفاظ بالمحادثة مع الأخرين لدى الأطفال الذين يملكون حصيلة لغوية جيدة .
المجموعة الثالثة:
- نماذج سلوك، و اهتمامات و انشطة نمطية تتكرر بصفة حصرية كما تظهر في واحد على الاقل مما يأتي:
1- الانشغال المستمر بأجزاء الأشياء .
2- التشبث بروتين محدد، و طقوس محددة.
3- ممارسة حركات نمطية مكررة (كالتصفيق، و رفرفة اليدين.... الخ).
4- الانشغال بواحد أو اكثر من النماذج النمطية ذات الاهتمام، التي تكون شاذة في شدتها او اتجاهها.
ثانيا: ظهور أداء وظيفي غير عادي على الاقل مما يلي مع ظهورها قبل السن الثلاث سنوات من العمر:
1- التفاعل الاجتماعي
2- اللعب الرمزي او التخيلي
3- اللغة كما تستخدم في التواصل الاجتماعي
و نلاحظ ان اغلب المقاييس و المحكات التي تعتمد في تشخيص التوحد، تترك في اعتمادها على مدى وجود اضطراب في جوانب النمو المختلفة سواء الاجتماعية او التواصلية او السلوكية .
اضطرابات الطيف التوحدي troubles du spectre autistique(TSA) :
و تضم مجموعة من الاضطرابات بالإضافة الى التوحد، و قد ظهر هذا المفهوم على يد Wing سنة 1996 و هذا لتمييز التوحد عن غيره من الاضطرابات المشابهة له، و يذهب البعض الى اعتبارها شكلا من اشكال التوحد، و الاضطرابات التالية هي نفسها المسماة الاضطرابات النمائية الشاملةاو العامة بالدليل التشخيصي DSMالرابع:
1- التوحد:
2- اضطراب أسبرجر Asperger : يتميز بإعاقة في العلاقات الاجتماعية و في ظهور سلوكيات غير معتادة بدون تأخر لغوي الذي يمكن أن نجده في التوحد، و قد تم اكتشافه لاول مرة من طرف الطبيب النمساوي Hans Asperger سنة 1944 و قد لقي هذا الاضطراب حصة كبيرة من الدراسة و البحث جعلته يتضمن مجموعة اضطرابات النمائية العامة في الدليل الاحصائي الرابع DSM.
اضطرابات ريتRett: هو اضطراب عصبي تصاعدي يصيب الاناث يشكل اساسي، و يتميز بلوي اليدين و جعلهما متشابكتين بشكل متواصل، و بوجود تخلف عقلي، و اعاقة في المهارات الحركية و تظهر هذه الصعوبات بعد ان يكون الشخص قد تجاوز بداية طبيعية من النمو،و قد عرف هذا الاضطراب منذ فترة قصيرة فقط ، و قد وصف لأول مرة من طرف Andrea Rett سنة 1966 ، و مع ذلك لم يحظى هذا الإضطراب بالاهتمام الا بعد 17 عام عندما نشر التقرير سنة 1983 حول بعد دراسة حالات 35 فتاة من فرنسا و البرتغال .
3- اضطراب الطفولي التفككي:
يتضمن هذا الاضطراب تراجعا لغويا شديدا و السلوك التكيفي للمهارات الحركية بعد فترة نمو طبيعية من 2 الى 4 سنوات .
4- الاضطرابات النمائية العامة غير المحددة:
يستعمل هذا التصنيف في حالة وجود اعاقة شديدة عامة في تطور التفاعل الاجتماعي المتبادل أو في مهارات التواصل اللفظية و غير اللفظية او عندما توجد انشطة و اهتمامات و سلوكيات نمطية ولكنها غير مصنفة على انها اضطراب نمائي عام محدد او فصام او اضطراب في الشخصية،على سبيل المثال التصنيف يشتمل على التوحد الشاذ l’autisme Atypique لان الاعراض الظاهرة ليست نفسها سبب التأخر في العمر عند الاصابة و وجود أعراض شاذة و فرعية (الزريقات 2004 ص، 363/364)
- جديد التوحد في الدليل التشخيصي الإحصائي الخامس: الاكتفاء بفئة اضطراب طيف التوحد وإلغاء التصنيفات السابقةو تحديد المعايير التشخيصية بمعيارين فقط.
يمثل الدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات الذهنية والذي تصدره جمعية الطب النفسي الأمريكية المرجع الأول في العالم في تصنيف الأمراض الذهنية والنفسية والتواصلية، حيث يتم استخدامه في جميع أنحاء العالم من قبل الأطباء والباحثين فضلا عن شركات التامين وشركات الأدوية وصانعي السياسات، والذي تم نشره مرة في عام 1952 ويتم تعديله أو تنقيحه أو إصدار نسخة جديدة منه كل عشرة سنوات تقريبا اعتمادا على ما يستجد من الدراسات وأبحاث ، ولقد حظي اضطراب التوحد كغيره من الاضطرابات بنصيب كبير في هذا الدليل على مدى سنوات إصداره من التعديل والتنقيح والإضافة .
وفي عام 1977اقرت منظمة الصحة العالمية لأول مرة اعتبار اضطراب التوحد فئة تشخيصية .وفي عام 1980صنف التوحد ضمن الاضطرابات الانفعالية الشديدة وفي نفس العام قامت الجمعية الأمريكية للطب النفسي بإصدار الدليل الإحصائي التشخيصي لاضطرابات الذهنية حيث تبنت فيه الأعراض الثلاثة الرئيسية المميزة لاضطراب التوحد التي ذكرها روتر في عام 1978 وهي إعاقة في العلاقات الاجتماعية وتأخر في النمو اللغوي وسلوك استحواذي أو إصرار على التماثل، ومنذ تلك السنوات قطع الباحثون شوطا كبيرا في مجال البحث والدراسات والتعرف على الأسباب التي لاتزال يعتريها الغموض والبحث عن سبل التشخيص الدقيق لما لذلك من أهمية في تحديد البرنامج العلاجي المناسب لطفل والأسرة.
وفي عام 1994 أصدرت الجمعية الأمريكية للطب النفسي الدليل الإحصائي التشخيصي الرابع والذي تم إجراء بعض التعديلات عليه بإصدار جديد ومنقح عام ألفين أطلقت عليه الجمعية الأمريكية لطب النفسي الدليل الإحصائي التشخيصي الرابع المعدل، والذي لم تكون فيه اختلافات جوهرية فيما يخص اضطراب التوحد عدا فيما يخص الإعاقة النهائية الغير المحددة وقد أشارت رابطة الطب النفسي الأمريكية في الدليل التشخيصي الإحصائي الثالث والرابع المعدل إلي آن التوحد يصنف تحت مسمى الاضطرابات النمائية المعقدة ،هذا الاتجاه له الكثير من المؤيدين من العلماء والباحثين .
وفي عام2013 وتحديدا في شهر مايو أصدرت الجمعية الأمريكية للطب النفسي الدليل الإحصائي التشخيصي الخامس والذي احتوي علي تعديلات جوهرية في تشخيص التوحد قد تسهم إلى حد ما في توضيح أبعاد هذا الاضطراب من ناحية وقد تخلق صعوبات تشخيصة للمختصين وأولياء الأمور من ناحية أخرى وقد شملت هده التغييرات أولا على الاكتفاء بمصطلح اضطراب طيف التوحد وإلغاء التصنيفات السابقة والمذكورة في الدليل الإحصائي التشخيصي الرابع والرابع المعدل وهي اضطراب التوحد ومتلازمة اسبرجر ومتلازمة رت واضطراب الطفولة التراجعي والإعاقة النمائية الغير محددة وذلك لأنه جميع هذه الاضطرابات تشترك في أعراض أساسية واحدة ولكنه بدرجة متفاوتة من الشدة، وبناءا على ذلك ارتأت الجمعية الأمريكية للطب النفسي اعتبارها اضطراب واحد بطيف واسع تحدده مستويات الشدة ،كما اشتملت التغيرات على إلغاء مصطلح الاضطرابات النمائية الشاملة أو المتداخلة السابقة الذكر، وتضمين المصطلح الجديد في الاضطرابات النمائية العصبية وجميعها تحمل مسمى تشخيصي واحد وهو اضطراب طيف التوحد باستثناء متلازمة رت والتي تم فصلها عن الاضطرابات النمائية العصبية للإعاقات التالية :الإعاقات الذهنية، اضطراب نمائي ذهني ، واضطرابات التواصل، اضطرابات لغة، اضطرابات كلام، اضطراب في التواصل الاجتماعي ، اضطراب فرط الحركة وقلة التركيز، اضطراب التعلم المحددو اضطراب طيف التوحد واضطرابات الحركية مثل اضطراب التآزر الحركي .
تم فصل متلازمة رت عن اضطراب طيف التوحد على اعتبار آن سلوكات اضطراب طيف التوحد ليست بارزة بشكل خاص في المرضي الذين يعانون من متلازمة رت باستثناء فترة وجيزة اثناء التطوير وعادة مايتم تشخيص اضطراب طيف التوحد من خلال المظاهر السلوكية وليس المسببات لذا كان من الطبيعي فصل متلازمة رت، والمرضي الذين يعانون من متلازمة رت لديهم بعض أعراض التوحد يمكن وصفهم بأنهم يعانون من اضطراب طيف التوحد وهنا ينبغي علي الأطباء والأخصائيين النفسيين استخدام محدد وراثي أو طبي للإشارة للأعراض المرتبطة بمتلازمة رت .
كما تم دمج معايير تشخيص اضطرابات طيف التوحد والاكتفاء بمعيارين جديدين فقط هما
المعيار الأول : معيار التواصل الاجتماعي والتفاعل و المتمثل بعجز واضح في التواصل والتفاعل الاجتماعي في سياقات متعددة يظهر في الفترة الحالية للتشخيص أو فترات سابقة في مراحل تطورية سابقة
والمعيار الثاني: هو معيار محدودية الأنشطة والسلوكات النمطية والمتمثلة بسلوك نمطي ومتكرر ومحدودية في الاهتمامات والنشاطات .
وعوضا عن التصنيفات السابقة الذكر في الإعاقات النمائية الشاملة أو المتداخلة تم إضافة شدة الإعاقة بثلاث مستويات المستوي الأول والمستوي الثاني والمستوي الثالث متدرجة من البسيط إلى المتوسط ومن ثم الشديد .
يلاحظ على الدليل الإحصائي التشخيصي الخامس عدم تطرقه لبعض الخصائص التي تطرقت إليها معظم أدوات التشخيص كلعب التخيلي واللعب الرمزي والتقليد والصعوبات السلوكية كم أن دمج الاضطرابات النمائية في اضطراب طيف التوحد والاكتفاء بمستوي هذه الإعاقة قد يخلق مشكلة لدي المختصين .
وفي معرض شرحها للمبررات أكدت جمعية الطب النفسية الأمريكية من خلال مراجعتها للأبحاث والدراسات على عدم مصداقية تشخيص الإعاقات النمائية الشاملة السابقة، وبوجود ثبات في تشخيص اضطراب التوحد عالي القدرات كمتلازمة اسبرجر والإعاقة النمائية الغير محددة، إضافة إلى عدم مناسبة استخدام بعض المحكات حيث تم تشخيص الإعاقة النمائية المحددة كاضطراب عصبي نمائي متوسط أو بسيط كما لاحظت عدم المصداقية في تشخيص بعض الاضطرابات المتضمنة في الإعاقات النمائية الشاملة كاضطراب الطفولة التراجعي .
وفي النهاية سواء اتفقنا أو اختلفنا كمختصين وأولياء أمور ومهتمين في مجال الإعاقة على تلك التعديلات والإضافات التي تمت في هذه النسخة ستبقي هذه التعديلات رهن البحث والدراسة، وسيبقي الدليل الإحصائي التشخيصي من المحكات الهامة في تشخيص الاضطرابات النفسية والعقلية والذهنية والتواصلية في الجانب الإكلينيكي، كما آن وجود أدوات تشخيصية متنوعة كمقياس ملاحظة تشخيص التوحد، ومقياس تقدير التوحد الطفو لي، وغيرها من الأدوات يسهم في تأكيد التشخيص للوقوف علي وضع الطفل وبالتالي توفير خدمات متخصصة لطفل والأسرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق